قصيدة رائعة تذكرنا بالزمن الجميل والشعر الفصيح:
كفْكف دموعك وانسحبْ يا عنترة
فعـيـونُ عبلــة أصبحتْ مُستعمــره
لا تـرجُ بسمـة ثغرها يومـا، فقــدْ
سقـطت مـن العقد الثمـين الجوهـرة
قبلْ سيوف الغاصبين.. ليصفحوا
واخفضْ جناح الخزْي وارجُ المعذرة
ولْتبتلــع أبيــات فخــرك صامتــا
فالشعـرُ فـي عـصر القنـابل.. ثـرثرة
والسيفُ في وجه البنـادق عاجـز
فقـد الهُـــويـة والقُــوى والسـيـطـرة
فاجمـعْ مفاخــرك القديمــة كلهــا
واجعـلْ لهـا من قــاع صدرك مقبـرة
وابعثْ لعبلــة فـي العـراق تأسُفا
وابعـثْ لها فـي القدس قبل الغرغرة
اكتبْ لهـا مـا كنــت تكتبُــــه لهــا
تحت الظـلال، وفـي الليالي المقمـرة
يـا دار عبلــة بـالعـــراق تكلمــي
هــل أصبحـتْ جنــاتُ بابــل مقفـــرة؟
هـل نهْـــرُ عبلة تُستبـاحُ مياهُـهُ
وكــلابُ أمــريكـــا تُدنــس كــوثــره؟
يـا فـارس البيداء.. صرت فريسة
عــبــدا ذلـيــلا أســــودا مـــــا أحقــره
متــطـرفــا .. متخـلـفـا.. ومخـالفـا
نسبوا لـك الإرهـاب.. صـرت مُعسكـره
عبْس تخلـت عنـك… هــذا دأبُهـم
حُمُــر – لعمــرُك – كلُــــهـــا مستنفـــره
فـي الجـاهلية..كنت وحـدك قـادرا
أن تهــزم الجيــش العـــظيــم وتأســـره
لـن تستطيـع الآن وحــدك قهــرهُ
فالزحـفُ مـوج.. والقنـــابــلُ ممـــطـــرة
وحصانُك العربـيُ ضـاع صـهيلُـهُ
بيـن الــدوي.. وبيـن صـرخــة مُجـبـــره
هــلا سألـت الخيـل يا ابنة مـالــكٍ
كيـف الصـمــودُ ؟ وأيـن أيـن المـقــدرة!
هـذا الحصانُ يرى المدافع حولهُ
مـتــأهــبـــاتٍ.. والــقـــذائف مُشـــهــــره
لو كان يدري ما المحاورةُ اشتكى
ولـصـــاح فـــي وجــــه القـطـيــع وحذره
يا ويح عبسٍ .. أسلمُوا أعداءهم
مفـتــاح خيـمـتهــم، ومـــدُوا القنــطــــرة
فأتــى العــدوُ مُسلحـــا، بشقاقهم
ونـفـــاقــهــــم، وأقــام فيــهــم مـنـبــــره
ذاقـوا وبال ركوعهـم وخُنوعهـم
فالعيــشُ مُـــر .. والهـــزائـــمُ مُنــكــــره
هـــذي يـدُ الأوطــان تجزي أهلها
مــن يقتــرفْ فــي حقهــا شـــرا..يــــره
ضاعت عُبيلةُ.. والنياقُ.. ودارُها
لــم يبــق شــيء بعدهــا كـــي نـخـســره
فدعــوا ضمير العُــرب يرقدُ ساكنا
فــي قبــره.. وادْعـــوا لهُ.. بالمغـــفـــرة
عجز الكلامُ عن الكلام .. وريشتي
لـم تُبــق دمعـــا أو دمـــا فـــي المـحبـرة
وعيونُ عبلـة لا تــزالُ دموعُهـــا
تتــرقــبُ الجسْـــر البعيـــد.. لتــعـــبُــره
القصيدة