أحاسيس خارقة (1-2)
للكاتب بجريدة الرياض فهد عامر الأحمدي:
هناك أمور لا يمكن تأكيدها أو إعادة اختبارها أو إثبات وجودها في المعمل؛ ومع هذا يمكن (ترجيح) وجودها بسبب كثرة الشهادات حولها وتكرار حدوثها مع عدد كبير من الناس..
فالتخاطر مثلا من الظواهر الخارقة التي يصعب اثباتها علميا ولكن جميعنا مر بها لمرة على الأقل في حياته. ومن خلال تراكم الشهادات اتضح أن قوة التخاطر (أو التليباثى) تزيد بين المتقاربين عاطفيا أو جسديا، كالزوجين المتحابين والتوائم المتشابهة والأم وأولادها...
وفى مقالنا هذا سنهتم بالعلاقة الخفية (والخارقة للعادة) التي تربط بين الأم وأبنائها وتجعلها تشعر (عن بعد) بأي خطر يحيط بهم أو مكروه قد يتعرضون له..
وبالطبع جميعنا يعرف قصصا من الواقع عن أمهات يملكن مثل هذا الاحساس، أتمنى سماعها منكم بنهاية المقال.. ولكن ؛ حتى ذلك الحين ؛ أرغب بمشاركتكم بكتاب جميل يدعى "أمهات عجيبات" يضم اكثر من خمسين حادثة عن أمهات تنبأن بما سيقع لأطفالهن أو شعرن (عن بعد) بما هم فيه من محنة ...
وأول قصة أوردها المؤلف (براد ستيجنر) كانت عن أم تدعى باربرا ميريل من منسوتا كانت كلما نظرت إلى طفلها روبن (البالغ من العمر شهرين فقط) تشعر بخطر يعتري صحته . ورغم ان طبيب العائلة الدكتور تشيرستي أكد لها مرارا أن طفلها سليم لايعاني من أي علة الا أن شيئا بأعماقها كان يرفض التسليم برأيه. وخلال شهر واحد عرضت طفلها على أربعة أطباء مختلفين فقرروا جميعهم ان الطفل سليم ويتمتع بصحة ووزن مثاليين !
ولكن هل اقتنعت باربرا؟ .. زوجها لورنس أصبح على يقين بإصابتها بنوع من الوسواس، واختلف معها كثيرا حين قررت السفر لرؤية طبيب متخصص يدعى جوزيف ليبكا. وفى النهاية أكد الدكتور جوزيف صدق مخاوفها واكتشف إصابة روبن الصغير بتشوه نادر في القلب وقرر إجراء جراحة سريعة لإنقاذ حياته...
ومما قاله الدكتور جوزيف للمؤلف: "حالة روبن نادرة من الصعب اكتشافها بالطرق المعتادة؛ ولولا إصرار باربرا لتوفي الطفل في ظرف أسبوعين" !!
أما القصة الثانية فعن أم تبلغ من العمر 32 عاما تدعى جنجر مكارثي شعرت فجأة أن ابنتها سوف تعاني من مكروه في مدرستها الداخلية.. وبدون حتى أن تفكر بالاتصال هاتفيا ركبت سيارتها وأسرعت للمدرسة وفى رأسها شعور قوي بأن ابنتها تنادي عليها. وحين وصلت أخبروها أن ابنتها أصيبت بألم حاد في معدتها وحولوها إلى المستشفى.. وحين وصلت كانت الممرضات يحاولن الاتصال بها فأخذنها بسرعة إلى حيث ابنتها فظلت بجانبها حتى تحسنت وأخذتها الى البيت..
وفى الطريق قالت لها سوو الصغيرة "ماما، حين كنت أتألم بشدة كنت أغمض عيني وأطلب حضورك بسرعة"!
فأجابتها مبتسمة: "وفي كل مرة كانت تصلني رسالتك ياحبيبتي"...
أما الدكتورة لويزا راين التي تدير مختبر علم النفس الشهير في جامعة ديوك فتجمعت لديها قصص كثيرة عن الاحساس الخارق الذي يربط الأم بأطفالها.. ومن القصص التي ذكرتها لمؤلف الكتاب حالة أم من واشنطن رأت في المنام أن شهابا ضخما يسقط على سرير طفلها الذي ينام في الغرفة المجاورة ويقضي عليه. وعلى الفور تركت فراشها وذهبت لغرفة الطفل وحملته بين ذراعيها وعادت به الى غرفتها ووضعته بينها وبين زوجها . وما ان استلقت على فراشها مجددا حتى سمعت صوت ارتطام هائل وزجاجاً يتكسر في كل اتجاه فسارعت مع زوجها لاستكشاف ماحدث فصعقت حين رأت النجفة الضخمة (المعلقة فوق سرير الطفل) قد سقطت وساوته بالأرض !!!
ومن القصص التي وردت في كتاب أمهات عجيبات للمؤلف (براد ستيجنر) ماحدث للسيدة جينا ديلاتوس التي ذهبت لزيارة أقاربها على بعد مئات الأميال من منزلها. وفى الساعة الثالثة من صبيحة أحد الأيام استيقظت وهي تشعر بأن النيران تحيط بها من كل جانب .. وتطلب الأمر منها وقتا كي تدرك أن ماشعرت به لم يكن إلا كابوسا مخيفا وأن النيران التي رأتها لم تكن في غرفتها بل في منزلها البعيد فتملكها شعور طاغ بالخوف على أطفالها.. وعلى الفور سارعت بالاتصال بمنزلها لعلها تجد من يطمئنها .. وبعد محاولات مضنية رد على الهاتف أصغر أبنائها (فرانك) الذي كان يسعل بشدة، ويستنجد بها : "ماما المنزل مليء بالدخان" ...
عندها أدركت أن حريقا ما على وشك الوقوع فتمالكت أعصابها وقالت له: "لابأس يافرانكي افتح نافذة الغرفة وأيقظ والدك".. فرمى الطفل السماعة وذهب لينفذ ما أمرته به، وبقيت هي تنتظر لنصف ساعة على الأقل قبل أن يرفع زوجها السماعة ويخبرها ان كل شيء تحت السيطرة وأن حريقا صغيرا اندلع حين نسي أحد الأطفال جاكيته فوق السخان وأن المنزل كان سيحترق لولا اتصالها ... الذي لم يفهم له سببا...
أما أكثر القصص غرابة وأصعبها على التصديق فهي تلك التي تؤكد على بدء العلاقة بين الأم وابنها منذ فترة .. الحمل ..!!
فحين كانت إليزابيث راندول حاملا للمرة الأولى، كانت ترى حلما جميلا يتكرر عليها في فترات متقاربة .. كانت ترى نفسها تسير بين أحواض الزهور وتمسك بيدها طفلة جميلة وخلفهم تعزف إحدى الفرق موسيقى عذبة.. وبعد ولادة طفلتها ليزا انقطع الحلم ونسيته طوال خمس سنوات حتى أقيم في بلدتهم معرضا للزهور أصرت ليزا على حضوره. وبالفعل ذهبتا لزيارة المعرض وفي أحد الأجنحة رأت نفس الطريق التي كانت تراه في منامها وتذكرت على الفور حلمها القديم والدهشة تملأ كل كيانها..
... في تلك اللحظة بالذات سألتها ليزا : "ماما ، ألم نكن هنا من قبل" ؟
= أما قصتنا الأخيرة فتذكرنا بما قاله ابن القيم الجوزيه في كتابه "الروح" عن إمكانية التلاقي بين أرواح الأحياء والأموات....
فتحت عنوان "قبلة الوداع" أورد المؤلف قصة الأب جون كارلسون الذي بقي ساهرا في المستشفى بجانب والدته لثلاث ليال متتالية.. فأمه العجوز كانت تحتضر بسبب حالة متأخرة من السرطان وكان يخشى إن تركها لأي سبب أن تتوفى وهو بعيد عنها؛ وفي إحدى الفترات التي فاقت فيها رجته أن يذهب ليرتاح في بيته ويعود إليها في اليوم التالي.. وبعد إلحاح شديد وافق على طلبها، ولكن على أن يعود إليها بعد ثلاث ساعات فقط. وحين وصل لمنزله لم يستطع تمالك نفسه فغط في نوم عميق لمدة طويلة حتى استيقظ فجأة على وضع خلط بين الحلم واليقظة.. فقد رأى والدته بكامل صحتها تقترب من سريره وتطبع على خده قبلة عذبة وتقول له مبتسمة "إلى اللقاء حبيبي" .. وعلى الفور اتصل بالمستشفى ؛ ولم يفاجأ حين أخبروه أن والدته توفيت قبل ثوان وهي تردد نفس الجملة!!
... أعزائي..
من يعرف قصصا حقيقية من هذا النوع فليخبرني بها على طريق الردود أو كتابة موضوع عنه.. فأنا أنوي العودة مجددا للموضوع، ولكن هذه المرة من خلال تجاربكم الشخصية ومروياتكم المحلية